11‏/07‏/2008

علاقة الفتوى بالبهامة

لعل الموضوع الي أحدث نوع من البلبلة في عدة مدونات الأيامات هذي هو حكاية الفتاوى كيما نراو هنا وإلا هنا
لكن المشكلة الكبيرة هيا الناس اللي تحب تغطي عين الشمس بالغربال وتخرج بل نقول تهرب من الموضوع بطرح مواضيع جانبية ما عندهاش دخل مباشر بالموضوع بل لمجرد ذر الرماد على العيون.
صحيح أنا موافقوا إنو لازم التثبت في مصداقية الخبر والمعلومة باش واحد ما يقعش في المحظور وتولي الحكاية محسوبة عليه وتشدها هاك العباد الي كيف تلقى قشة تكبش فيها كيف المسكين اللي باش يغرق.

يجب الإقرار أن الإفتاء والفتوى من أكثر الأمراض التي عجز المسلمون خلال تاريخهم الممتد منذ 1400 سنة من أن يجدوا له حلا جذريا فقد تغلغل هذا المرض في المجتمع المسلم تغلغلا لا سبيل لتفاديه وقد تمكن العديد من الأئمة والحكام أساسا من استغلال هذه الآفة أحسن إستغلال لتلبية حاجاتهم الإستبداية وأطماعهم المادية والمعنوية.
لقد كان لثقافة الفتوى دور كبير في ما آل إليه حال المجتمع المسلم الآن من التخلف والهمجية.
هذه الثقافة التي تلغي كل دور للعقل البشري ولا تمنحه الحق في التفكير بل تسند هذا الحق لمن يسومنهم العلماء لكي يفكروا مكانهم ويتخذوا القرارات مكانهم لكن الأخطر من ذلك جرهم إلى دهاليز التخلف والدمار.
فثقافة الفتوى تضع المفتي في مرتبة الوصي على العقل والتفكير فلا يحق لغير المفتي أن يفكر، ولا يفوتني هنا أن أذكر انه، أي المفتي، لا يكتسب هذه الوصاية إلا إذا إقترنت بالسلطة، وهو الأمر الذي استغله الحكام المسلمون على مر العصور ابتداءا من الخلفاء الأوائل إنتهاء إلا ما الحكام الحاليين.
فلو قمنا بإستثناء فترة الخلفاء الأربعة الأول فهي فترة استثنائية فقضية الفتوى وأهميتها لم تكن مطروحة لدى منشئي الدين الجديد فقد كان كل منهم يرى الدين وفق رؤيته وفهمه ولم يكن من صالحهم التناحر حول مسائل ثانوية ستقتل هذا الدين الوليد في المهد، وهم يرون ما قام به، عن طريق توحيد العرب البدو، من انجازات خرت لها الروم وفارس ومصر، لكن هذا الأمر لم يستمر طويلا فقد ظهرت النعرات والنزاعات السياسية بعيد موت المؤسسين واستقرار الأمر في الشام والعراق للدين الجديد.
لكن بعد إنقراض المؤسسين برزت الحاجة لتنمية ثقافة الفتوى التي بإمكانها القضاء على جميع مظاهر التمرد فكريا كان أو ماديا.
وقد برزت عدة حركات فكرية دعت لإحكام العقل كالمعتزلة أو أهل الكلام وقد ووجهت هذه الحركات بممانعة شديدة من قبل "علماء الدين" الذين إحتكروا الكلام بإسم الدين والإسلام كما ظهر مفكرون مستقلون وعرفوا نفس المصير.
ولعل ابن سينا والفرابي وابن رشد وابن حزم من أكثر الأمثلة وضوحا.
وخصوصا هذا الأخير فقد كان فيلسوفا وأديبا وفقيها مجددا فقد كان من أشد الناس عداوة للتقليد وهو السلاح الذي يستعمله المفتي لإضفاء شرعية على فتاويه. التقليد، بغض النظر عن كونه أعمى أو لا، هو سبب الداء وعندما يصدح فقيه كبير كإبن حزم بنبذ التقليد وبأنه في مقدور كل المسلمين عاميهم وعالمهم أن يفتوا ويعملوا عقلهم فيه وإلا فهو ليس بدين!! ليس بدين قادم من إله عظيم، فالإله لا يمكن أن يضع للناس دينا ليؤمن به الناس جميعا ثم تأتي مجموعة وتقول لا نحن أوصياء الله عليكم فلا نريكم إلا ما نرا.
فالدين لا يجب أن يحتكره "العلماء" والمفتون.
نعم قالها إبن حزم ربما ليس بالوضوح المذكور لكن كل كتابته تصدح بذلك وهو ما أوقد نار الحقد لدى مخالفيه والمتشبثين بهذه السلطة التي ينادي إبن حزم بكسرها سلطة الفتوى التي بقوله أن "التقليد مذموم" "التقليد حرام" يكسر القيد الذي وضعوه على تفكير وعقول "الدهماء" من المسلمين.
إذا رأيت الناس تطلب الفتوى في كل وقت فأعلم بأنهم سلموا عقولهم لغيرهم لكي يفكروا مكانهم وليصبحوا "بهايم"

ليست هناك تعليقات: